قرار تأديبي وتشديد العقوبات في قضية فتاة تيفلت

رصد المغرب

أوقف المجلس الأعلى للسلطة القضائية، قبل أسبوع، الهيأة القضائية التي أصدرت أحكامها الابتدائية في 20 مارس 2023، في الملف المعروف بـ “طفلة تيفلت”، التي تعرضت لاعتداء جنسي.

وشملت العقوبات توقيف رئيس الجلسة ومستشارين معه عن العمل مدة ستة أشهر، لكل واحد منهم، كما شمل القرار التأديبي تنقيلهم نحو المحاكم الاستئنافية بآسفي وفاس والقنيطرة.

وحرك المجلس الأعلى للسلطة القضائية المتابعة ضد القضاة، بعد الضجة الإعلامية التي رافقت الأحكام الابتدائية في قضية افتضاض بكارة طفلة عمرها 11 سنة، نتج عنه حمل وولادة، وأكدت الخبرة الجينية للحمض النووي المجراة من قبل المحكمة أن نسب المولود الذي أنجبته القاصر يعود إلى المتهم الثالث في النازلة، والذي أدين من قبل غرفة الجنايات الابتدائية باعتباره فاعلا رئيسيا بعقوبة سنتين حبسا نافذا، وبتعويض الضحية ثلاثة ملايين، كما أدين معه شريكاه اللذان تناوبا على هتك عرض القاصر بالعنف، بعقوبة سنتين حبسا في حدود 18 شهرا نافذا، وبتعويض 20 ألف درهم.

وحسب ما تسرب من قصر العدالة بالرباط، دافع القضاة الثلاثة عن أنفسهم، معتبرين أن الأحكام التي أصدروها مقبولة وواقعية، كما أدلى واحد منهم بحوالي 30 حكما في وقائع مشابهة، تضمنت أحكاما متقاربة في المدد، ضمنها حكم صادر عن القاضي نفسه الذي حكم على المتهمين، في المرحلة الاستئنافية، بـ 40 سنة سجنا نافذا، مشددين على أن الحكم الذي أثيرت حوله ضجة إعلامية ناتج عن قناعة تامة.

وأصدرت غرفة الجنايات الاستئنافية بالرباط، بعد الضجة، حكمها الاستئنافي، في حق الفاعل الرئيسي الذي أثبتت الخبرة الجينية أن نسب المولود يعود له، بعقوبة عشرين سنة سجنا نافذا، وبذلك تكون الغرفة أضافت 18 سنة للعقوبة الأولى المحددة في سنتين، أما المتهم الثاني والثالث فرفعت الغرفة العقوبة في حقهما من سنة ونصف سنة حبسا نافذا إلى عشر سنوات سجنا، كما رفعت التعويض المدني إلى عشرة ملايين، لتضيف أربعة ملايين إلى التعويض السابق الابتدائي والمحدد في ستة ملايين.

واستجابت الغرفة الاستئنافية لأغلب الدفوع القاضية بتطبيق أحكام مشددة في حق الفاعلين في تلك الجريمة التي هزت الرأي العام الوطني، ووصل صداها إلى وسائل الإعلام الدولية، حيث تابعت العديد منها الواقعة، ضمنها وكالة الأنباء الإسبانية والفرنسية.

لكن متتبعين للشأن القضائي اعتبروا القاضي يحكم بما راج داخل الجلسة ويقتنع به، مؤكدين أن العقوبات المشددة لا تجدي نفعا وسط المجتمع المغربي، في الوقت الذي تسعى فيه جهات عليا بالبلاد إلى جعل القضاء اجتماعيا بالدرجة الأولى، وأن يتم تأديب الجانحين ببرامج واقعية ضمنها العقوبات البديلة، بعدما فاقت الساكنة السجنية في المغرب ما يزيد 100 ألف نزيل، وهي سابقة في تاريخ البلاد.

ويتخوف مناهضون للاعتقال الاحتياطي والأحكام المشددة، أن يدفع هذا القرار قضاة للتشدد في أحكامهم، لإبعاد الشبهات عنهم، وتفادي استفسارهم أو متابعتهم من قبل المجلس الأعلى للسلطة القضائية، في الوقت الذي تجتهد فيه وزارة العدل للحد من هذا الاعتقال في النقاش الجاري داخل المؤسسة التشريعية، إذ لم تثبت الأحكام المشددة فاعليتها في الحد من الإجرام، باستثناء شريحة معزولة من المجرمين يشكلون خطورة دائمة على المجتمع.


شاهد أيضا
تعليقات
تعليقات الزوار
Loading...