عيد الاضحي المبارك في الاعتقال

عيد الاضحي المبارك في الاعتقال
عيد الاضحي ارتبط بقصة إبراهيم الخليل عليه السلام عندما قال لابنه كما جاء في القرآن الكريم « يابني أني ارى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى،قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني انشاء الله من الصابرين ،فلما اسلما وتله للجبين ،وناديناه ان يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا انا كذلك نجزي المحسنين،ان هذا لهو البلاء المبين،وفديناه بذبح عظيم» صدق الله العظيم،انه مناسبة نقتبس منها دوما روح التضحية وروح الصمود بأعلى تجلياته وكيف ان إبراهيم كان مستعدًا بالتضحية بابنه وقرة عينه في سبيل نصرة الحق،ولذلك فان لعيد الاضحي الأثر الكبير داخل السجن، لكنه بالنسبة لحي الاعدام فقد ارتبط العيد دائما ان الدولة كانت دوما تجعل منه مناسبة لتنفيذ عقوبة الإعدام والتضحية بالعديد من المناضلين وتقديمهم قربانا لنزواتهم ولحساباتهم السياسية الوضيعة ،وإمعانا في الانتقام يتم الاعدام في عيد الاضحي المبارك، وحتى لا نكون أحاديي النظرة فهو أمرًا تقومه به عدة دول فحتى امريكا لم تجد احسن من اختيار يوم عيد الاضحي لإعدام الرئيس صدام حسين ،وفي بلدنا المغرب فقد تم إعدام ١٧شخصًا من مجموعة الشهيد عمر دهكون وذلك صبيحة عيد الاضحي سنة ١٩٧٣ قيودهم كالأكباش واضافوا لهم العصابة على الأعين لكن عمر دهكون رفض ذلك وفضل ان ينظر في عيني جلاديه وهم يفرغون رصاصهم في صدره ،وأيضا نفذ حكم الاعدام في الانقلابين العسكريين في انقلاب الصخيرات والهجوم على طائرة البويينج الملكية في سنتي ١٩٧١ و١٩٧٢ ،في عيد الاضحي المبارك وقد نقلت ذلك دار البريهي مباشرة،و رأينا كيف كانت تنزع نياشين الجنرالات نزعا ويُستهزئ من بعضهم كالجنرال حمو الذي كان يطلب الصفح،كل هذه الاعدامات اعتبرتها هيئة الإنصاف كانت اعتقالات ومحاكمت غير عادلة و خرقت مساطر القانون وبالتالي اعتبرت على ان ما بني على باطل فهو باطل جملة وتفصيلًا ،وفرضت لكل هؤلاء تعويضات لعائلاتهم التي من المؤكد انها لن تعيد الأرواح التي ازهقت بغير الحق في ايام مباركة وهي يوم عيد الاضحى عيد الرقي الروحي والسمو الإبراهيمي الذي جعلوا منه عيدا للانتقام وللتغول، هذا هو حال عيد الاضحى في حي الاعدام فهو يوم يتحسس فيه المحكومون بالإعدام خصوصًا منهم المعارضون السياسيون فيه رقابهم ويحلق عليهم حمام الموت ويأتيهم من كل جانب قبل وبعد العيد ولايتنفسون الصعداء الا بعد ان تنتهي ايام العيد.
اما السجناء الغير محكومين بالإعدام فهم في شأن آخر ،يلبسون فقاهم ويخلطون زيت الزيتون مع المربئ والخبز والشائ ويقدمونه بينهم ولبعضهم كقراء وهدية ليوم العيد،في انتظار قطعة صغيرة من اللحم تكون نصيبهم من حوالي عشرة أكباش لعشرة آلاف منهم تذبحها إدارة السجن،في انتظار العائلات التي قد يسمح لها عشية العيد او في الغد اذا لم تكن ايام سبت وآحاد،لتسمح لهم بمدهم بشيئ من أضحية العيد حسب مزاجية السجان ،وكثير من سجناء الحق العام لايؤمنون بالحياة الجماعية كما يفعل المعتقلون السياسيون،فأولئك يؤكلون لوحدهم وقد يضطرون للبصق على ما توصلوا به من اكل حتى لا يجرؤ احد ان يشاركهم فيه،بل تجد احدهم يضل يأكل ما توصل به لمدة تزيد عن العشرة أيام ،رغم عدم وجود ثلاجة تحفظ ذلك الأكل وامام حرارة الزنزانة بفعل الاكتظاظ تنبعث رائحة العفونة داخل الزنازين ومع ذلك كانوا يضيفون عليها السكر لإزالة ما علق بها من حموضة ،اما المعتقلون السياسيون فقد نظموا حياتهم في إطار جماعي ونفس الشيئ كانت تفعل عائلاتهم،وهم داخل المعتقل فمنهم من يقيم صلاة العيد ويقومون بطقوسه المعهودة في التزاور ،وأنشؤوا لجنة تشرف على قفف العيد تقسم على الكل بالتساوي ،ويخصص منها جزء مهم لمن تقطعت بهم السبل من معتقلي الحق العام خصوصا اصحاب المدد الطويلة الذين لم يعد يزورهم احد .
يتبع


شاهد أيضا
تعليقات
تعليقات الزوار
Loading...