هل للديمقراطية من عيوب فاضحة؟؟؟

لنحدد قبل كل شيء مفهوم الديمقراطية، ثم لنحدد بعضا مما يعتريها من عيوب باختصار شديد.

   الديمقراطية لفظ مؤلف من لفظين يونانيين، أحدهما “ديموس”، معناه الشعب. والآخر: “كراتوس”، ومعناه السيادة. فالديمقراطية إذن سيادة الشعب، وهي نظام سياسي تكون فيه السيادة لجميع المواطنين، لا لفرد أو لطبقة واحدة منهم. ولهذا النظام ثلاثة أركان: أولها سيادة الشعب، وثانيها المساواة والعدل، وثالثها الحرية والكرامة الإنسانية. وهذه الأركان الثلاثة  متكاملة، فلا مساواة  بلا حرية، ولا حرية بلا مساواة، ولا سيادة للشعب إلا إذا كان أفراده أحرارا.  

    والديمقراطية – كما سوف نرى – نظرية أكثر منها واقعية، أي أنها كلام أكثر منه عمل! فلا سيادة للشعب، وإنما هي للأغلبية المشاركة الفائزة في الانتخابات، متى كانت نزيهة؟ وهيهات هيهات أن تكون كذلك؟ والانتخابات كما يدلنا عليها الواقع، تخضع للتلوين والتنوع. وقد يتم – على سبيل المثال – تسجيل 20 مليونا ناخيا لاختيار رئيس دولة ما، فيقاطع نصفها الانتخابات، ويشارك فيها 10 ملايين لا غير. منهم المؤيد لأحد المترشحين، ومنهم المعارض. وقد يجري الحديث عن 51% في التصويت لصالح “س” ، بينما 49% منه لصالح “ص”. ومع ذلك يجري الحديث عن رئيس منتخب من طرف شعبه؟ والواقع المرير هو أن الشعب كله لم ينتخبه. وأمامنا الانتخابات الأمريكية الأخيرة، حيث حصل جون بيدين على 80 مليون صوت. بينما حصل ترمب على 74 مليون صوت؟

    فيلزم عند هذا الحد أن نتساءل فعلا عما إذا كانت السيادة للشعب؟ وعما إذا كانت المساواة والعدل مبدأين مجسدين في الواقع الجماهيري؟ بحيث إننا نجد كيف أن الإجابة المتوقعة لن تكون إلا بالنفي؟ فلا السيادة للشعب، ولا المساواة ولا العدل، وإنما هي تراجم للأفكار الرائجة التي تحملها الأحزاب المتنافسة على السلطة! تعلق الأمر بانتخاب رؤساء الدول، أو بنواب الأمة في الغرفتين: الأولى والثانية؟ فالرؤساء يتصرفون تصرف الأنانيين! وحتى إن عضدهم بعض الوزراء، أو بعض المستشارين، فلكون مصالح هؤلاء المعضدين متقدمة على مصالح الشعوب! مما يعني أن المعضدين يشاركون الرؤساء في النفاق والحرص على ما يتم جنيه من أموال منهوبة!!!

    فالسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال، تبين انحياز الرئيس وثلة من المقربين منه إلى الحكام الطغاة المستبدين في مختلف الدول النامية والمتخلفة ماديا وعقلانيا على وجه الخصوص. مما يعني أن المواطنين في هذه الدول لا قيمة لهم كبشر؟ إنما القيمة لما يجنيه رؤساء أمريكا من فوائد مادية ومعنوية لصالح الأمريكيين. فالشعب السعودي الذي يتصرف حكامه في خيرات بلاده، كما يحلو لهم أن يتصرفوا، لا يعني تذمره وآهاته الحكام الأمريكيين في شيء؟؟؟ وما يمارسه نفس الحكام السعوديون  في اليمن، لا يسمح به الدين ولا الأخلاق السياسية التقدمية، ومع ذلك يستمر حكام أمريكا وحكام دول أوربية في الصمت المطبق! هذا الصمت الذي يتمثل في مد المعتدين بأسلحة التدمير التي حصدت وتحصد آلاف الأرواح، وتخلف وراءها آلاف الجياع، وهدم آلاف المباني؟؟؟

    مما يعني أن الديمقراطية الغربية المزعومة، تمارس الهمجية في واضحة النهار! وتستمر في تشخيص ما عرف إسلاميا بالجاهلية. هذه الصفة النكراء التي جاء الإسلام ليستأصلها في العلاقات بين الأفراد والجماعات، أو بين الدول. وكأن الرغبة الاستعمارية لا تزال مستمرة حتى بعد التخلص من الاستعمار صوريا على الأقل؟؟؟ نقصد النهم الشديد في المواد الأولية بأثمان بخسة. وفي الإكثار من الأسواق لعرض المنتوجات بأثمان باهظة، والنهم في الإكثار من اليد العاملة الرخيصة؟ ويجمعها كلها النهم في الاستغلال والسيطرة، ولو عن طريق تفقير الشعوب وإخضاعها للاستبداد كما عليه حال الدول العربية والإسلامية؟؟؟

   ومن قراءتنا للديمقراطية الغربية والعربية والإسلامية، لا نخرج بنتائج تفيد كون النزعة البشرية تسمح بتحويل النظري الديمقراطي إلى العمل الممارساتي في بلد بعينه؟ فالانتخابات في الدول النامية مزورة. وما تستهدفه لا يخرج عن تقوية الأنظمة القائمة بطرق شفافة وبأخرى ملتوية؟ فقد شاهدت الانتخابات شخصيا عن قرب غير ما مرة في بلدنا. ومن بين ما تعرفه، ممارسات مسرحية في العلن، خاصة في البوادي، حيث يتصرف القواد والشيوخ والمقدمون، دون ما مساءلة أو رقابة. فضلا عن كون التشريعات البرلمانية من إملاءات العقول المتأثرة بالأهواء والميولات السياسية الخاصة؟؟؟ في حين أن الدستور الإسلامي الذي أعلن قادة الدول رسميا وفي الخفاء – من خلال ممارساتهمالسياسية –أنه غير صالح للتطبيق؟ وأن الشرع الإلهي تم تجاوزه، لتحل محله القوانين التي يتم لممثلي الشعوب العربية والإسلامية وضعها، مع حملها لتوقيع أو لإمضاء رئيس الدولة أوقائدها، أميرا كان، أو رئيسا، أو ملكا؟؟؟؟

 


شاهد أيضا
تعليقات
تعليقات الزوار
Loading...