طبالو الجنائز…

مبدئيا ، يعتبر التطبيل مظهراً من مظاهر الفرح ، لذلك فإن التطبيل في الجنائز مكروه ، ولمن لا يؤمن بالكراهة والحلال والحرام فليعلم على كل حال بأن التطبيل في الجنائز عيب وعار …وكذلك هو التطبيل في الحروب …والحروب عكس السلام ، والسلام نتاج الدبلوماسية الناجحة والأصل في الدبلوماسية هو أن تتفادى الحرب أو تنهيها ، لا أن تمهد لها أو تسعرها….بالتطبيل والزغاريد . ولإن ما يقع بين المغرب وإسبانيا ليس عرسا ،فإنه من المفروض أنه لا يجوز فيه التطبيل، وعلى الطبالين الخرس …ولكن للأسف ، فقد أصبح التطبيل “روتينا يوميا ” وعلا صوت الطبالين حتى أغرق كل المساحات واكتسح كل الفضاءات في ظل استحياء العقلاء والمهذبين ، وصار التطبيل يصنف إلى قطاعات ، هناك تطبيلُُ ” قطاع عام ” يتم تمويله من الميزانية العامة ومن جيوب المواطنين ، مثل البرنامج الذي أذاعته القناة التلفزية الأولى في سياق الأخبار المسائية ليوم الثالث من يونيو حول “النزعات الانفصالية في كاتالونيا ” ، والذي من شأنه أن يقود إلى نتائج كارثية سنعود إليها ، وهناك “المقاولون الذاتيون” في التطبيل ، المستفيدون من “الإعفاءات الضريبية” الجاري بها العمل ، والذين لا يدركون إطلاقًا عواقب ما يفعلون ولا يهمهم أن يكون منتوجهم ساماً ومضرا بصحة الدولة والمجتمع ، طالما أن هناك من يرقص على ” نغمات ” طبولهم ..ذلك لأن التطبيل كالمخدر ، من آفاته أنه يشتت التركيز ويمنع التفكير الرصين ويثير الرغبة في الرقص والقفز في كل الاتجاهات ، ويغَيّب العقل ، وإذا ما حضر هذا الأخير ولو للحظة ، سارع الطبالون لاعتباره نشازا ومفسدة ل ” الحَلْقة ” . إن التناول العمومي لموضوع “الانفصال في كتالونيا” يعتبر ممارسة خطيرة قد تعطي للبعض تحت تأثير الطبول والزغاريد ، الرغبة في الذهاب بعيداً في هذا الموضوع ، بما قد يورط المغرب في شبهة علاقات أو شبهة اعتراف بحركة الانفصال هناك ، ويؤدي بالتالي ، وبدون أدنى شك ، إلى رد فعل تسلسلي يبدأ باعتراف إسبانيا أولا ، ثم بعدها جل الدول الأوروبية الأخرى ، فدول أمريكا اللاتينية ، بالكيان الوهمي للبوليساريو ويفضي في النهاية إلى تعقيد وضعنا الدبلوماسي وإفراغ الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه ، والنجاحات التي تحققت في أفريقيا وتوجت بعودة المغرب للاتحاد الأفريقي ، من أية قوة سياسية وإجرائية …هذا بالنسبة للتناول العمومي ،
أما العمل الذي تقوم بها ” مقاولات التطبيل ” الخاصة ، فأقصى ما يمكن أن يحققه هو تغليط ولفت انتباه المؤسسات عن العيوب والزلات والنواقص في المكان والزمان الملائمين ، وخلق حالة من التقاطب والغضب الاجتماعي الذي لن يخدم بأي حال من الأحوال مصلحة الوطن وتقدمه وازدهاره ووئام أهله …

شاهد أيضا
تعليقات
تعليقات الزوار
Loading...