أشعّة سينيّة

رصد المغرب

ليليٌّ دوامُه

والأجرُ أنانيةٌ تكنِسُ المقبرة

يرتدي طيلسانَ عبوديةِ القضبانِ…

مباشرةً

بعد أن يخلعَ جلبابَ الحرية.

يقنصُ أنفُهُ كنهَ الذّبالةِ المسحوقةِ على الرّصيف،

وهو يشمُّ روائحَ الشّاي والقهوة والخمر والعطر

ويسمعُ الشّهقاتِ من بعيد.

يغني لزوّارِ ليلٍ يُجهضونَ الأحلامَ في الأرحام

أغاني نعيمة سميح

تعزّي أرملةً مكلومةً في الطّابق الثّالث.

يردّدُ برقَ الفاجومي يُسلّي الشّيّوعيَّ الملتحي

وهو يقرأ “رأس المال” تحت عريشةٍ فوق سطحِ الدّار…

لا تخطئُ آذانُهُ التّميزَ بين تهاليلِ المؤذّنين ومقاماتِها،

رغم أن الرّياحَ تسْبحُ ضدّ التّيارْ.

ويسمعُ وقعَ الخطواتِ البيضاء الذاهبة إلى المسجدِ

ووقعَ الخطوات الرّمادية السّاعية للرّزق فجرا،

على إيقاع سعلةِ مسلولٍ تتمزّقُ أحشاؤُهُ

يُسلّيه أن يلتقط بهاتفِهِ

صورَ الطّيور الملوّنة التي

تغادر الدّوحةَ باكراً وتعود باكراً،

وصورَ اللّقالق التي ترمّمُ

أعشاشَ حاضرِها لآتيها،

تتأمّلُ حوارَ الظلّ مع الصّوّان،

وشكوى القشّةِ للنّسيم من نميمة الصّقيع،

ومغازلةَ البرقِ للغمامة.

يرى ما خلفَ جدران الظلام

من غزواتِ الأموات ونزواتِ الأحياء

واحتجاجاتِ طينٍ يقاومُ سيلَ السّكوتْ…

كيف لا يعرفُ الفراشاتِ التي تعود من سراديبِ الدّخانِ

وما تقيّأَتْهُ البواليعُ من فرسانْ،

وهو يعرفُ المسافرينَ

والغائبينَ العائدينَ،

والضيوفَ النازلينَ في كلّ بيت.

يطوي في جيب الدّجينز

لائحةً طويلةً بأسماء الأزواج الخائنينَ

والزّوجاتِ المخلصات…

وأسماءَ القطط في الشّرفات،

وأسماء الكلاب التي تشتري بترخيم النّباحِ

أباطرةَ المزبلة؟

ما الذي يمنع الخفّاشَ إذنْ…

وهو يصادقُ المخبرَ والنشّالَ والملاك والشيطانْ؟

ما الذي يمنعُهُ من أن يصونَ قمقماً يضيقُ بكنزِهِ:

أنفٍ يمتدُّ إلى السّرِّ كالثّعبانِ، وكالماء يتسرّبُ من الثّقوب والشّقوق،

آذانٍ تطوّقُ الغابَ بسياجها الشّوكي.

رؤيةِ كلّ شيءٍ بالمقلوبِ ما عدا ما في الباطنِ من عَوَرِ.

مقامرةِ المعرفةِ باليقين على طاولة الإفك والبهتان.

حنجرةٍ تموّهُ برياحين الحبّ فوهةَ البركانْ؟

وكلّ صباحٍ يفحصُ بالحاسّةِ السّادسة

صبواتِ الصّقر، فكرةَ النّحلة، زقزقة العصفورْ

قبل أن يفحصَها بالأشعّة السّينيةِ الظّلموتْ… //

أتلانتا، خريف 2013


شاهد أيضا
تعليقات
تعليقات الزوار
Loading...