ندوة بآسا الزاگ تقارب دور الإعلام في مواجهة أعداء الوحدة الترابية للمملكة

رصد المغرب

من قلب مدينة آسا الزاگ، على بعد بضع عشرات كيلومترات من مخيمات تندوف على التراب الجزائري، معقل حركة “البوليساريو” الانفصالية، دعا خبراء وباحثون إلى جعل الإعلام آلية محورية ضمن آليات الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة، باعتباره أداة على درجة عالية من الأهمية لإبراز المعطيات الحقيقية للنزاع المفتعل في الصحراء، ودحض الإشاعات والأخبار الزائفة التي يروجها الإعلام التابع لخصوم المغرب.

جاء ذلك في ندوة حول موضوع “الإعلام الوطني آلية للتصدي لافتراءات أعداء الوحدة الترابية للمملكة”، ضمن فعاليات الدورة الثالثة من جائزة واد نون الوطنية الكبرى للصحافة والإعلام، المنظمة من طرف المجلس الإقليمي لآسا الزاگ، بتنسيق مع عمالة الإقليم والمجلس الجماعي لآسا، وبشراكة مع فرع جهة گلميم واد نون للنقابة الوطنية للصحافة المغربية.

محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، أبرز أن “النجاحات الدبلوماسية المتتالية التي حققها المغرب في ملف الصحراء وسّعت دائرة الدول المؤيدة لسيادته على أقاليمه الصحراوية، لتنضم إلى الدول التي تتبنى موقفا متأصلًا من هذه القضية؛ غير أن هناك دولا أخرى مازال موقفها غامضا، وتحاول أن تبقى في المنطقة الرمادية، رغم أنها شاهدة على أن مغربية الصحراء لا جدال فيها”، في إشارة إلى فرنسا.

وأضاف بودن أن “هناك عواصم وصلتها رسالة الملك التي أكد فيها أن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وعواصم أخرى لديها حسابات وأجندات معينة لاستهداف مصالح المملكة، وذلك من خلال آليات منها الإعلام، إما عبر توجيهه لخدمة مصالح خصوم الرباط أو عبر تناول ملف الصحراء بشكل تغييب فيه المهنية؛ وذلك بمنح الطرف الآخر حيزا كبيرا للتعبير عن رأيه”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن قناة “فرانس 24″، لسان حال الخارجية الفرنسية، “تعبر عن مواقف تحركها أجندات معينة”، معتبرا أن “دعم أكثر من 90 دولة مبادرة الحكم الذاتي التي يتشبث بها المغرب كحل سياسي وحيد لملف الصحراء يعكس أنها مبادرة واقعية وجادة وذات مصداقية”، وزاد موضحا: “واقعية أي إنها بعيدة عن الأوهام ويمكن أن تكون حلا نهائيا للملف، وجادة لأنها تؤمن بالقضايا المحلية للساكنة، وذات مصداقية لأن هناك مؤسسات منتخبة في الصحراء تنبع من إرادة الساكنة المحلية، وهناك جدية في طرح البدائل الملائمة لتربة المنطقة”.

وتابع رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية بأن “العالم، ولاسيما القوى الكبرى الفاعلة على الساحة الدولية، يساند مغربية الصحراء عبر دعم مبادرة الحكم الذاتي، وهو الموقف الذي تبنته الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا وألمانيا وبلدان أخرى”، مبرزا أن “فتح ثلاثين قنصلية في الأقاليم الصحراوية المغربية يَعني أن القانون الدولي يُعمل في الصحراء المغربية، ويؤكد الدعم الدولي لسيادة المغرب على أقاليمه الصحراوية”.

وأكد بلالي إبراهيم السويح، المتخصص في القانون الدولي، أن “معركة الحسم في ملف الصحراء هي بالأساس معركة سياسية وقانونية تجري أطوارها في أروقة الأمم المتحدة”، وأن “تعاطي الإعلام الدولي مع قضية الوحدة الترابية للمغرب يكتسي أهمية بالغة، لأنه بات يعالج هذا الموضوع من زاوية أن النزاع في الصحراء أصبح يهدد السلم والأمن إقليميا، وله تداعيات ذات أبعاد دولية”.

ولفت السويح إلى أن “تعاطي الإعلام الدولي مع ملف الصحراء المغربية كان يتم، في الأغلب الأعم، بشكل مناسباتي، من خلال ما يعرفه من تطورات على مستوى قرارات مجلس الأمن الدولي، أو عند إجراء مفاوضات بين المغرب والطرف الآخر؛ وغالبا ما يتم التطرق إليه وفق ما تمليه أجندات سياسية مرتبطة بمصالح أطراف التحالفات الناشئة عن الحرب الباردة”، وأضاف أن هذا الوضع تغير نسبيا، “وأخذ منحى إيجابيا بالنسبة للمغرب خلال السنوات الأخيرة، لاسيما بعد المنعطف الكبير لموقف الولايات المتحدة الأمريكية التي اعترفت بسيادة المغرب على أقاليمه الصحراوية في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، إذ أصبحت مجموعة من وسائل الإعلام تتبنى توجهات تتجاوز المنحى التقليدي الذي كان يتستر خلفه خصوم الوحدة المغربية للمغرب”.

وتطرق محمد أحمد كين، الخبير في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، في مداخلة بعنوان: “الإعلام والنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية: بين خيار الهدم وخيار البناء”، إلى “الاستتباع” لدى الإعلام في الجارة الشرقية للمملكة، الجزائر، مبرزا أنه “حينما يغيب فقه الواقع، واقعُ الجغرافيا والتاريخ المشترك، نصبح في خضم مشهد عبثي يستهدف هدم معالم المشترك”.

ولفت كين إلى أن “الاتحاد المغاربي هو التكتل الإقليمي الأضعف من بين التكتلات الإقليمية في القارة الإفريقية، بسبب المواقف المعادية للجزائر إزاء المغرب واستهدافها وحدته الترابية”، مبرزا أن “العالم يدرك أن دعاة الانفصال إلى نكوص، وما كانوا ليوجدوا أصلا لولا وجود من يرعاهم، ومن يرعاهم هو نظام استبدّ بإرادة شعبه وراح يهرب مشاكله الداخلية إلى محيطه”، في إشارة إلى النظام الجزائري.

وتوقف الخبير المغربي في معهد الشرق الأوسط بواشنطن عند “الاستلاب الذي انزاح بالإعلام الجزائري الرسمي وشبه الرسمي (المستقل) نحو التبعية المطلقة للنظام العسكري الحاكم في الجارة الشرقية، واستهداف المغرب، ونصب عداء لا مبرر له، سوى منطق تغطية الأخطاء على شماعة الآخرين، وكأن النجاح الذاتي لا يتحقق إلا من خلال هدم الآخر، وهذا منطق معطوب”.

وبمعطيات رقمية أوضح كين أن “النظام الجزائري لم يحقق نجاحات، ذلك أن 95 في المائة من صادرات الدولة الجزائرية كانت من المواد الطاقية سنة 1991، وهي النسبة نفسها التي مازالت قائمة إلى اليوم”، مضيفا: “هذا يعني أنه ليست هناك تنمية، ولا حقوق إنسان، ولا ديمقراطية. ولا يجدون مناص للتملص من هذه الأخطاء إلا بتعليقها على الآخرين”.

وختم المتحدث ذاته مداخلته بالقول إن “مخيمات تندوف هي وصمة عار على من يمدّ في عمرها ويقدمها للعالم على أنها مخيمات للاجئين، ومن يقطنها من الصحراويين محرومون من حق التنقل والعمل، والجميع يعلم أن هناك تفويضا غير قانوني للبلد المضيف لمجموعة مسلحة تشكل غطاء على هذا الواقع المزري، وهذا الأمر أكدته مقررات أممية، وخاصة المقرر الأممي الصادر عن اللجنة الأممية لحقوق الإنسان”.

عن هسبريس


شاهد أيضا
تعليقات
تعليقات الزوار
Loading...