فاروق حمادة والتطبيل للتطبيع

ألقى اليوم الدكتور فاروق حمادة، عضو مجلس أمناء جامعة محمد الخامس بأبوظبي، والمتحكم في شعبة الدراسات الإسلامية في بعض الجامعات المغربية، محاضرة عبر تطبيق زوم بدعوة من “المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة” بأبوظبي، حول التطبيع مع إسرائيل، كلها تبجيل للتطبيع وتسويغ للعدو الصهيوني وكذب على الله والتاريخ.
ولكن ما أثار استغرابي أن هذا الرجل، الذي يلبس شاشية العلم زورا، أراد تزوير التاريخ بالصوت والصورة وهو يتكلم. فقد قال إن العلاقات الخارجية بين الدول في الحرب والسلم والمصالح وغيرها من اختصاص ولي الأمر وحده.
وأنا أريد أن أوضح هذه النقطة للقراء حتى لا يختلط عليهم الأمر، لأن الرجل يبدو أنه من فرط الانتفاخ لم يعد يفقه شيئا. أولا من الناحية الشرعية وباختصار شديد ليس لولي الأمر حق التنازل عن شيء لا يملكه، فإذا فعل ذلك، أي “أمر” بقي له يتولاه؟ أتمنى أن أسمع جوابا. فالرجل خلط خلطا فظيعا بين مفهوم الأمر في الخطاب القرآني والسنني، وبين مفهوم الأمر ordre في اللغة. الأمر في اللغة ضد النهي، لكنه في المعنى الشرع يعني القضية التي يجتمع عليها المسلمون، أو الرسالة، أو المهمة، أو ما يهم الناس، ولذلك جاء في الكتاب”وشاورهم في الأمر”، وفي الحديث”من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم”، فمعنى الأمر في الشريعة هو ما عزم عليه عامة المسلمين.
وأما قضية الحرب والسلم فالحقيقة لا نعرف من أين جاء السيد حمادة بهذا الدس. القضية الفلسطينية والصراع العربي ـ الصهيوني هو اليوم ومنذ عقود طويلة في مرحلة “اللاحرب واللاسلم”، كما هو معروف، فأين الحرب وأين السلم اللذين يتحدث عنهما الرجل؟ وهل الإمارات دخلت في حرب أو صنعت سلما حتى تكون معنية بالموضوع من الأصل؟.
لقد كانت آخر الحروب مع إسرائيل هي حرب 1973، منذ ذلك التاريخ لم تقم حرب. وقد دخل العرب ثلاثة حروب مع إسرائيل كلها لم تكن فيها الإمارات موجودة. في حرب 1948 لم تكن الإمارات موجودة أصلا على الخارطة ولا كاسم. وفي حرب 1967 لم تكن قد وجدت بعد وكانت لا تزال في حكم الغيب، وفي حرب 1973 كان عمرها أقل من عامين، ولم يكن لها أي وزن سياسي أو عسكري يمكنها المشاركة بهما في الحرب. فعن أي حرب يتحدث فاروق حمادة وعن أي سلم؟.
وأنا أعتقد أن العلاقات مع الكيان الصهيوني مفتوحة ولا مشكلة فيها، وهي بالفعل تبقى بيد “ولي الأمر”، ولكن ما علاقة الإسلام والشريعة بهذا؟ من شاء أن يتعاقد مع إسرائيل أو يصاهرها أو يدخل معها في عمومة أو خؤولة فتلك حريته، لكن لا يمكن تحميل الإسلام والمسلمين تبعات ذلك العمل. إننا نقول إن السلوكات الإرهابية التي تقتل الناس لا تمثل الإسلام ولا علاقة لها به، فكذلك السلوكات التطبيعية التي تنزع من الناس جرثومة الكرامة لا علاقة لها بالإسلام ولا تمثله. أم هل تريدون أن تكونوا ممن يكتبون الكتاب بأيديهم ويقولون هذا من عند الله، لمجرد أنهم في موقع السلطة والقوة؟ وهل تريدون اتباع الشرع أم اتباع السلطة؟ والسيد فاروق حمادة الذي يتهم الإسلاميين والدعاة بأنهم يريدون السلطة عمن يدافع؟ هل يدافع عن أبي الحسن الشاذلي؟.


شاهد أيضا
تعليقات
تعليقات الزوار
Loading...