جهلٌ قانوني في أعمالٍ رمضانية يضع صُنّاعها في قفص “التغليط والتضليل”

رصد المغرب

ارتُكبت العديد من الأخطاء القانونية في الأعمال الرمضانية التي يجري عرضها حاليا عبر القنوات المغربية، ما يعيد مسألة عدم اللجوء إلى أهل الاختصاص لإتقان المشاهد وتفادي تمرير مغالطات للجمهور الذي قد يجهل بعضه المساطر والإجراءات المتعلقة بالجانب القانوني.

ويظهر في سلسلة “صلاح وفاتي” توقيف شرطي لصلاح (طاليس) وتحرير مخالفة في حقه لتجاوز إشارة المرور، لكنه رغم اكتشافه انتهاء مدة صلاحية رخصة قيادته سمح له بمواصلة الطريق والقيادة دون الحجز على السيارة أو اتخاذ قرار يهم هذا التجاوز.

وفي مسلسل “جوج وجوه”، يدخل شاب على خط اعتقال والدته بسبب إصدار شيك بدون رصيد، إذ يحاول تأمين بعض المبلغ وتقديمه للضابط بغرض الإفراج عنها، في الوقت الذي ينبغي عليه الحصول على تنازل من المعني بالأمر، أو وضع المبلغ بصندوق المحكمة لعدم اختصاص الشرطة في هذا الإجراء.

وفي “دار النسا”، ظهر حمزة، إحدى شخصيات العمل الذي يعمل شرطيا، وهو يستعمل سيارة الخدمة في قضاء أغراضه الشخصية، ونقل الفتيات بها، سيما أنه يجسد دور شاب متعدد العلاقات الغرامية.

وفي هذا الصدد، قال المحامي محمد ألمو في تصريح لـ”مدار21″، إن العديد من الأعمال التلفزيونية التي يتم إنتاجها وبثها في شهر رمضان لم تسلم كالعادة من سهام النقد لاعتبارات فنية وأخرى تقنية إضافة لما تثيره بعض المشاهد من ملاحظات تنصب بالأساس على محتواها غير المتماهي مع بعض المعطيات العلمية أو القانونية والتاريخية.

وبخصوص انزياح هذه الأعمال الفنية عن المعطيات القانونية، يؤكد ألمو أنه “فعلا يلاحظ للمهتمين بالقانون وجود عدة مشاهد غير منسجمة مع البديهيات القانونية بل ومتعارضة معها أحيانا مما يساهم في تسويق معلومات خاطئة وخطيرة في الوقت نفسه”، مسترسلا “فمثلا في مسلسل جوج وجوه لاحظنا تمكين سيدة خاضعة للحراسة النظرية من الاتصال بأفراد عائلتها بل إن ضابط الشرطة القضائية مكنها من مجالسة خصمها، في حين أن قانون المسطرة الجنائية يمنع أي اتصال بالشخص الموضوع رهن الحراسة النظرية”.

وأضاف “أداء قيمة الشيك نقدا في مخفر الشرطة أمر غير متاح قانونا باعتبار أن عملية الأداء تتم في صناديق المحكمة، إلا أن عملية الإيقاف والأداء والإفراج تمت من خلال هذا المشهد من طرف ضابط الشرطة القضائية في غياب أي إشارة لتعليمات النيابة العامة باعتبارها الجهة الموجهة والمشرفة على الأبحاث وعلى كل الإجراءات”.

وتابع: “الخطير في الأمر في هذا المسلسل نشر بعض السلوكات غير القانونية التي اعتاد بعض المحترفين القيام بها في الواقع، وهي الترصد بسيدة مبحوث عنها بمقتضى شكاية إصدار شيك بدون رصيد واصطناع خصام وهمي لمنعها من التحرك وتقييد حريتها لفتح المجال لتدخل الشرطة لإيقافها، وهو أسلوب ومنهج يلجأ إليه العديد من الأفراد وهو مخالف للقانون باعتبار أن صناعة واقعة أو جريمة خيالية والتبليغ عنها يشكل جريمة إهانة للضابطة القضائية، وكأن صانع هذا العمل الفني بين قوسين يقول للمغاربة: إلى عندك شي شكاية لإصدار شيك بدون رصيد والمشتكى به مبحوث عنه ما عليك لإيقافه سوى الترصد له وإرسال سيدة تفتعل معه نزاع وهمي لفسح المجال لحضور الشرطة ومن تم تنقيطه وإيقافه”.

وواصل حديثه قائلا: “كما شاهدنا في إحدى حلقات هذا المسلسل سيدة بتنورة قصيرة جدا تلج فضاءات المحكمة، وهي مشاهد تتعارض مع المجهودات التي تبذلها المحاكم لدفع المواطنين إلى تجنب اللباس غير اللائق بوقار فضاءات العدالة”.

ويشير المحامي بهيئة الرباط إلى أن “هذه المغالطات القانونية التي يتم بثها في فترة ذروة المشاهدة وداخل عمل فني تؤثر بشكل كبير على المشاهدين وتساهم في تكريس وضعيات غير قانونية، مما يضرب عرض الحائط كل السياسات العمومية الرامية إلى نشر الثقافة القانونية، بل يتعارض أيضا مع الخط البرنامجي للقنوات التلفزية العمومية التي تستنزف ميزانيات ضخمة من المال العام لإنتاج برامج توعوية في المجال القانوني”.

وأرجع ألمو السبب الرئيس وراء هذه الأخطاء القانونية إلى الارتجالية والسرعة التي تطبع إنتاج هذه الأعمال التلفزية إضافة إلى غياب الاستعانة بأهل الاختصاص في المشاهد التقنية والقانونية.

واستشهد ألمو بمصر قائلا: “أنا شخصيا تابعت العديد من الأعمال الفنية ذات الطابع القانوني “الأفوكادو”، و”محامي خلع” وغيرهما، إذ يمكن القول إن هذه الأعمال كانت متماهية مع المادة القانونية لدرجة أن تظن أن مخرجها ومبدعها محام أو قاض أو رجل قانون بارع، في هكذا أعمال تختلط الفرجة والمتعة بالمعرفة القانونية السليمة عوض التغليط والتضليل”.

عن مدار 21


شاهد أيضا
تعليقات
تعليقات الزوار
Loading...